jeudi 23 octobre 2014

قصيدة البيت الواحد



قصيدة "البيت الواحد" هي قصيدة قصيرة ذات شطرين من قافية واحدة. وهي قصيدة مكتملة مبنى ومعنى. تتطلّب منتهى الإيجاز والاختصار والتكثيف واقتناص اللحظة الشعرية والتعبير عنها بعيداً عن الاضطرار إلى إكمالها. فيظهر البيت في معظم الأحيان مستقلاً قائماً بذاته وبفكرته عن البيت الذي يسبقه أو يليه. والهدف منها أن تقولَ الكثيرَ في بيت واحد...
لقد شهد تراثنا الشعريّ ما يعرف ببيت القصيد. وهو بحسب ما اتفق النقاد على تعريفه، البيت الأهمّ والأبرز في القصيدة. تتجلّى فيه النفحة الشعريّة وتضمّه قصيدة طويلة ذات وزن واحد وقافية موحّدة بغضّ النظر عن علاقته بقيّة الأبيات الأخرى. ولكأنّ الأبيات الأخرى من فضل الكلام وسقطه غير مهمّة في القصيدة إذا نظرنا إلى علاقتها ببيت القصيدة البيت الأهم. كذا تتفاضل أبيات القصيدة الواحدة تفاضلا ينتهك وحدة المعنى وتماسك البناء في القصيدة الواحدة وهو تفاضل اعتباطيّ وفي الغالب مزاجيّ بل في منتهى المزاجيّة.
لقد أصدر الكاتب الليبي خليفة التليسي سنة 1990 كتاب "قصيدة البيت الواحد"، عن دار الشروق. جمع فيه مختارات من الشعر العربيّ. واقتطع أبياتا من سياق القصائد المطوّلة وذكر أحيانا قصائد من بيتين وثلاث. وهو الأمر نفسه الذي فعله أدونيس في كتابه "ديوان البيت الواحد" الذي يشكّل الجزء الرابع من مختاراته الشعريّة التي أخرجها في ثلاثة أجزاء. وسار غازي القصيبي على الدرب نفسه في كتابه "خيمة شاعر".
هذه الكتب الثلاث لم تتمكّن من ضبط مفهوم واضح ودقيق لمفهوم "قصيدة البيت الواحد". على أنّ هذا النوع من الكتابة الشعريّة يلقى رواجا في مواقع التواصل الاجتماعيّ حيث يعمد الشعراء إلى إدراج بيت أو أكثر تتوفّر فيه وحدة المضمون ويقوم على تناسق البناء، وتتماثل فيه مساحة الكلمة مع مساحة الانفعال، ويتوازن حجم الصوت الشعريّ مع حجم هواجس الشاعر.

 فقصيدة البيت الواحد، تتميّز بالتكثيف الشعريّ واقتناص اللحظة الشعرية والتعبير عنها بعيداً عن الاضطرار إلى إكمالها لتصبح قصيدة متعدّدة الأبيات. إنّها قصيدة قائمة على بيت واحد حذفت منها كلّ الأبيات التي يمكن قولها لمحاولة إقناع القارئ بأنّه لا مجال لإضافة بيت آخر غيره. وهذا في حدّ ذاته عمليّة ممضّة وشاقّة تقتضي أعلى درجات الحذف والاختزال والإيجاز في مستوى اللغة، وأعلى درجات التكثيف واكتظاظ المعنى في مستوى الرؤية أو الفكرة أو المضمون.